أسباب انخفاض دقات القلب إلى 50

أسباب انخفاض دقات القلب إلى 50: دليل شامل ومحدث

يعد القلب المحرك الرئيسي للجسم البشري، فهو ينبض باستمرار لضخ الدم والأكسجين إلى جميع أعضاء الجسم. وتختلف دقات القلب من شخص لآخر تبعاً لعدة عوامل، وقد يثير انخفاض دقات القلب إلى 50 نبضة في الدقيقة القلق لدى البعض. فهل هذا الانخفاض يشير إلى مشكلة صحية أم أنه حالة طبيعية؟ وما هي أسبابه وطرق علاجه؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.

المعدل الطبيعي لنبضات القلب

قبل التعمق في أسباب انخفاض نبضات القلب، من المهم معرفة المعدل الطبيعي لدقات القلب.

معدل ضربات القلب الطبيعي للبالغين

وفقاً لجمعية القلب الأمريكية، فإن المعدل الطبيعي للنبض عند البالغين في حالة الراحة يتراوح ما بين 60-100 نبضة في الدقيقة. وتعتمد هذه المعدلات على عدة عوامل منها:

  • العمر
  • مستوى اللياقة البدنية
  • وجود أمراض مزمنة
  • تناول بعض الأدوية
  • الحالة النفسية والجسدية

تغير معدل النبض حسب النشاط

يتغير معدل نبضات القلب تبعاً للنشاط الذي يقوم به الإنسان:

  • أثناء النوم العميق: قد ينخفض إلى 40-50 نبضة في الدقيقة
  • في وقت الراحة: 60-100 نبضة في الدقيقة
  • خلال النشاط البدني: يزداد المعدل تبعاً لشدة النشاط، وقد يصل إلى 150-180 نبضة في الدقيقة

معدل نبضات القلب حسب العمر أثناء ممارسة الرياضة

تختلف معدلات ضربات القلب المثالية أثناء ممارسة الرياضة حسب العمر:

  • 20 سنة: 100-170 نبضة في الدقيقة
  • 30 سنة: 95-162 نبضة في الدقيقة
  • 40 سنة: 90-153 نبضة في الدقيقة
  • 50 سنة: 85-145 نبضة في الدقيقة
  • 60 سنة: 80-136 نبضة في الدقيقة
  • 70 سنة: 75-128 نبضة في الدقيقة

ما المقصود ببطء القلب؟

يعرف بطء القلب (Bradycardia) طبياً بأنه حالة انخفاض معدل ضربات القلب عن 60 نبضة في الدقيقة أثناء الراحة. وعندما تنخفض دقات القلب إلى 50 نبضة أو أقل، فإن ذلك قد يكون طبيعياً في بعض الحالات، بينما يشير في حالات أخرى إلى وجود مشكلة صحية تستدعي الاهتمام.

أسباب انخفاض دقات القلب إلى 50

تتنوع أسباب انخفاض دقات القلب ما بين أسباب طبيعية وأخرى مرضية:

1. الأسباب الطبيعية لانخفاض دقات القلب

أ. اللياقة البدنية العالية

الرياضيون المحترفون ومن يتمتعون بلياقة بدنية عالية غالباً ما يكون لديهم معدل نبضات قلب منخفض. وهذا يعرف بـ “متلازمة قلب الرياضيين”، ويرجع ذلك إلى:

  • تضخم عضلة القلب وزيادة قوتها
  • زيادة كفاءة القلب في ضخ الدم، مما يجعله قادراً على ضخ كمية أكبر من الدم مع عدد أقل من النبضات
  • تحسن قدرة الدم على حمل الأكسجين

يمكن أن تنخفض دقات قلب الرياضيين المحترفين إلى 40-50 نبضة في الدقيقة، وهذا يعتبر علامة صحية تدل على كفاءة عضلة القلب.

ب. النوم العميق

يُعد انخفاض معدل ضربات القلب أثناء النوم أمراً طبيعياً، حيث:

  • يقل نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي
  • يزداد نشاط الجهاز العصبي الباراسمبثاوي المسؤول عن الاسترخاء
  • تنخفض حاجة الجسم للأكسجين والطاقة

ج. الاسترخاء والتأمل

ممارسات مثل اليوغا والتأمل تساعد على:

  • خفض مستويات التوتر والقلق
  • تقليل نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي
  • خفض معدل ضربات القلب بشكل طبيعي

د. الحمل

قد تعاني بعض النساء الحوامل من انخفاض في معدل ضربات القلب نتيجة:

  • التغيرات الهرمونية
  • زيادة حجم الدم في الجسم
  • تغير وضعية الجسم

2. الأسباب المرضية لانخفاض دقات القلب

أ. مشكلات في النظام الكهربائي للقلب

يعمل القلب وفق نظام كهربائي معقد، وأي خلل فيه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض دقات القلب، ومن هذه المشكلات:

متلازمة العقدة الجيبية المريضة (Sick Sinus Syndrome)
  • تعطل في العقدة الجيبية الأذينية المسؤولة عن تنظيم ضربات القلب
  • اضطراب في إصدار الإشارات الكهربائية
  • قد تتراوح الأعراض بين بطء القلب المزمن وتسارع القلب المتقطع (متلازمة بطء-تسرع القلب)
إحصار القلب (Heart Block)
  • إعاقة في مسارات توصيل الإشارات الكهربائية بين أذينات القلب وبطيناته
  • يُصنف إلى ثلاث درجات:
    • الدرجة الأولى: تأخر في توصيل الإشارات
    • الدرجة الثانية: فشل بعض الإشارات في الوصول للبطينين
    • الدرجة الثالثة (الكامل): انقطاع كامل في توصيل الإشارات

ب. مشكلات طبية أخرى

خلل في الغدة الدرقية
  • قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism) يؤدي إلى انخفاض إنتاج الهرمونات المنظمة لعمليات الأيض
  • ينتج عنه إبطاء لوظائف الجسم بما فيها معدل ضربات القلب
اضطرابات الشوارد
  • نقص البوتاسيوم أو الصوديوم أو الكالسيوم
  • هذه الشوارد ضرورية لانتظام النشاط الكهربائي للقلب
أمراض القلب التاجية
  • نقص تروية عضلة القلب بسبب تضيق الشرايين التاجية
  • تلف في أنسجة القلب نتيجة نوبة قلبية سابقة
التهاب عضلة القلب أو غشاء التامور
  • عدوى فيروسية أو بكتيرية تصيب عضلة القلب
  • استجابة مناعية ذاتية تهاجم أنسجة القلب
انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم
  • توقف مؤقت في التنفس أثناء النوم
  • يؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الدم واضطراب في نظم القلب

ج. تأثير الأدوية

بعض الأدوية قد تسبب بطء القلب كأثر جانبي، خاصة:

  • حاصرات بيتا (Beta-blockers): تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم وبعض أمراض القلب
  • أدوية قناة الكالسيوم (Calcium channel blockers): مثل فيراباميل وديلتيازيم
  • أدوية اضطرابات نظم القلب (Antiarrhythmics): مثل الأميودارون
  • الديجوكسين (Digoxin): يستخدم لعلاج قصور القلب
  • بعض أدوية الاكتئاب والصحة النفسية

د. حالات أخرى

  • الجفاف الشديد وفقدان السوائل
  • نزيف داخلي حاد
  • ارتفاع الضغط داخل الجمجمة
  • انخفاض درجة حرارة الجسم (Hypothermia)
  • تشوهات القلب الخلقية

متى يكون انخفاض دقات القلب إلى 50 خطيراً؟

ليست كل حالات انخفاض دقات القلب إلى 50 تستدعي القلق، لكن ينبغي الانتباه إذا ترافق الانخفاض مع الأعراض التالية:

الأعراض التي تستدعي زيارة الطبيب

  • الدوخة المستمرة أو الشعور بالدوار
  • الإغماء أو الإحساس بقرب الإغماء
  • صعوبة في التنفس
  • إرهاق وتعب غير مبرر
  • الشعور بألم في الصدر
  • عدم القدرة على ممارسة النشاطات المعتادة
  • التعرق الشديد
  • برودة في الأطراف
  • شحوب في الوجه
  • صعوبة في التركيز

إذا كنت تعاني من هذه الأعراض مع انخفاض دقات القلب، فمن الضروري استشارة الطبيب على الفور، فقد يشير ذلك إلى عدم قدرة القلب على ضخ كمية كافية من الدم لتلبية احتياجات الجسم.

تشخيص انخفاض دقات القلب

عند استشارة الطبيب لانخفاض دقات القلب، سيقوم بتقييم شامل يتضمن:

1. التاريخ الطبي والفحص السريري

  • مراجعة التاريخ الطبي للمريض والعائلة
  • تحديد الأعراض ومتى بدأت
  • مراجعة الأدوية التي يتناولها المريض
  • فحص سريري شامل للقلب والأوعية الدموية

2. الفحوصات المخبرية

  • تحليل مستويات الشوارد: البوتاسيوم، الصوديوم، الكالسيوم، المغنيسيوم
  • فحص وظائف الغدة الدرقية: قياس هرمونات TSH, T3, T4
  • فحص الإنزيمات القلبية: للكشف عن تلف في عضلة القلب
  • فحص مستويات الأدوية في الدم: خاصة إذا كان المريض يتناول أدوية مؤثرة على القلب

3. الفحوصات التصويرية والتخطيطية

  • تخطيط القلب الكهربائي (ECG): يظهر النشاط الكهربائي للقلب
  • مراقبة القلب المتنقلة (Holter Monitor): لتسجيل نشاط القلب لمدة 24-48 ساعة
  • اختبار الإجهاد: لتقييم استجابة القلب للنشاط البدني
  • تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (Echocardiogram): لفحص بنية القلب ووظائفه
  • دراسة كهرفسيولوجية القلب (Electrophysiology Study): لتقييم النظام الكهربائي للقلب بشكل دقيق

علاج انخفاض دقات القلب إلى 50

يعتمد علاج بطء القلب على سبب المشكلة وشدة الأعراض:

1. العلاج في الحالات غير الخطيرة

إذا كان انخفاض دقات القلب إلى 50 لا يسبب أعراضاً أو مضاعفات، وكان السبب طبيعياً (مثل اللياقة البدنية العالية أو النوم)، فقد لا يكون هناك حاجة للعلاج. في هذه الحالات يكتفي الطبيب بالمتابعة الدورية.

2. معالجة الأسباب الأساسية

أ. علاج مشكلات الغدة الدرقية

  • وصف هرمونات الغدة الدرقية البديلة في حالات قصورها
  • متابعة مستويات الهرمونات وتعديل الجرعات عند الحاجة

ب. تعديل الأدوية

  • تغيير جرعات الأدوية التي تسبب بطء القلب
  • استبدالها بأدوية أخرى عند الإمكان

ج. معالجة اضطرابات الشوارد

  • تصحيح نقص الشوارد من خلال المكملات الغذائية
  • تعديل النظام الغذائي
  • معالجة السبب الأساسي لاضطراب الشوارد

د. علاج أمراض القلب الأخرى

  • معالجة أمراض الشرايين التاجية
  • علاج التهابات عضلة القلب أو غشاء التامور

3. تنظيم ضربات القلب

في الحالات التي يكون فيها بطء القلب خطيراً أو يسبب أعراضاً شديدة، قد يلجأ الطبيب إلى:

أ. ناظمة القلب المؤقتة

جهاز خارجي يستخدم في الحالات الطارئة لتنظيم ضربات القلب لفترة قصيرة.

ب. ناظمة القلب الدائمة (Pacemaker)

جهاز صغير يزرع تحت الجلد، ويقوم بإرسال إشارات كهربائية لتحفيز ضربات القلب عندما تنخفض عن معدل معين. تعد الناظمة القلبية أكثر العلاجات فعالية لبطء القلب المزمن، وتتوفر منها عدة أنواع:

  • ناظمة أحادية الغرفة: توصل بغرفة واحدة من القلب (الأذين أو البطين)
  • ناظمة ثنائية الغرفة: توصل بالأذين والبطين معاً
  • ناظمة ثلاثية الغرفة: تستخدم في حالات فشل القلب وتوصل بالأذين وكلا البطينين

4. العلاجات الدوائية

في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية لزيادة معدل ضربات القلب، مثل:

  • الأتروبين (Atropine): يستخدم في الحالات الطارئة
  • إيزوبروتيرينول (Isoproterenol): منبه للقلب يستخدم في المستشفى
  • ثيوفيلين (Theophylline): في بعض حالات بطء القلب المزمن

الوقاية من بطء القلب

1. متابعة الحالات المرضية المزمنة

  • مراقبة ضغط الدم بانتظام
  • فحص مستويات السكر في الدم
  • فحص وظائف الغدة الدرقية بشكل دوري
  • متابعة مستويات الشوارد

2. نمط حياة صحي

  • ممارسة نشاط بدني معتدل بانتظام
  • اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات
  • الحفاظ على وزن صحي
  • الإقلاع عن التدخين
  • الحد من استهلاك الكحول

3. المتابعة مع الطبيب

  • المتابعة الدورية مع طبيب القلب للأشخاص المعرضين للخطر
  • مراجعة الأدوية بشكل منتظم
  • إجراء الفحوصات الدورية للقلب

4. مراقبة معدل نبضات القلب

  • تعلم طريقة قياس النبض ذاتياً
  • استخدام الأجهزة الذكية لمراقبة النبض
  • الانتباه لأي تغيرات غير طبيعية

خلاصة

انخفاض دقات القلب إلى 50 نبضة في الدقيقة ليس دائماً مؤشراً على وجود مشكلة صحية. فقد يكون طبيعياً لدى الرياضيين أو أثناء النوم أو في حالات الاسترخاء العميق. لكن إذا ترافق هذا الانخفاض مع أعراض مثل الدوخة أو الإرهاق أو صعوبة التنفس أو ألم الصدر، فمن الضروري استشارة الطبيب.

يعتمد التشخيص والعلاج على السبب الكامن وراء بطء القلب وشدة الأعراض. وقد يتراوح العلاج بين مجرد المراقبة في الحالات غير الخطيرة إلى زراعة ناظمة قلبية في الحالات الشديدة.

اتباع نمط حياة صحي، والمتابعة الدورية مع الطبيب، والانتباه لأية أعراض غير طبيعية، كلها عوامل مهمة للحفاظ على صحة القلب وتجنب المضاعفات المرتبطة ببطء القلب.

المصادر والمراجع

  1. جمعية القلب الأمريكية (American Heart Association) – معدلات ضربات القلب الطبيعية
  2. مايو كلينك – بطء القلب: الأعراض والأسباب والعلاج
  3. المعهد الوطني للقلب والرئة والدم (NHLBI) – اضطرابات ضربات القلب
  4. المجلة الأوروبية لأمراض القلب – بطء القلب لدى الرياضيين
  5. الكلية الأمريكية لأمراض القلب – إرشادات علاج اضطرابات نظم القلب
  6. منظمة الصحة العالمية – صحة القلب والأوعية الدموية
  7. الجمعية الأوروبية لنظم القلب – دليل زراعة ناظمات القلب
  8. المركز الطبي بجامعة هارفارد – متلازمة قلب الرياضيين
  9. المجلة الطبية البريطانية – اضطرابات الشوارد وتأثيرها على القلب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *